القدس
هي الأرض المقدسة ، و يطلق عليها أيضا أورشليم ، أو مدينة السلام ، أو إيليا ، أو بيت المقدس .. ، فكلها أسماء للقدس ، و اسمها في التوراة أورشليم أي مدينة السلام
، و قد احتل الرومان بلاد الشام بعد حوالي مائة عام من ميلاد المسيح ، و وقتها كانت لليهود فيها دولة مستقرة منذ مئات السنين و هي (( دولة إسرائيل )) و كانت في القدس ..
، و لكن الرومان اضطهدوهم و أذاقوهم ألوان العذاب .. ، فقاومهم اليهود بما استطاعوا من الثورات و التمرد و العصيان المدني .. ، ولكن الإمبراطور الروماني وقتها تمكن من إخماد ثورات اليهود ، و أسقط دولتهم بالكامل ،و خرب مدينة بيت المقدس : أورشليم ..
.. ، ثم أسس مكانها مستعمرة رومانية و سماها ( إيليا )
.. ، حرم على اليهود أن يسكنوا فيها ...!!
.. ، فتشرد اليهود في البلاد كل مشرد .. ، و أصبحوا بين عشية و ضحاها .. بلا دولة .. شراذم متفرقة هنا و هناك .. !!!
(( و ضربت عليهم الذلة و المسكنة ))
.. ، فمنهم من بقي في بعض مدن الشام .. ، و منهم من توجه إلى العراق .. ، و منهم من هاجر إلى جزيرة العرب مثل :
قبائل بني النضير ، و بني قريظة ، و بني قينقاع .. ، واستوطنوا في يثرب ، و في وادي القرى ، و في خيبر .. ، و غيرها من قرى و مدن جزيرة العرب
.. ، و كانت أكبر و أهم معاقلهم في جزيرة العرب هي (( حصون خيبر )) .. !!
.. ، و ظل اليهود هكذا .. بلا دولة... لمدة 2000 عام .. ، عاشوا في تشرد و في ذل و هوان .. منبوذين من كل أجناس البشر ، فلا يطيق معاشرتهم أحد بسبب خبث نفوسهم و خيانتهم و دسائسهم و مؤامراتهم التي اعتادوا عليها ..
.. ، إلى أن ضاعت هيبة المسلمين في زمانناعندما فرطوا في دينهم .. ، و انشغلوا بشهواتهم .. ، و اقتتلوا فيما بينهم على جناح البعوضة ....!!
، فساعتها فقط استطاع اليهود أن يحققوا حلمهم المنشود .. ، فاحتلوا فلسطين .. ، و عاثوا فيها فسادا .. ، و قتلوا و عذبوا و شردوا المسلمين .. ، و دنسوا المقدسات و المسجد الأقصى .. ، أمام مرأى و مسمع الجميع .. ، و لكن لا حياة لمن تنادي .. فحسبنا الله و نعم الوكيل ... !!
بعض المعلومات عن المسجد الأقصي
مساحة المسجد الأقصي
* ظل المسجد الأقصى ما يقرب من 600 عام أسيرا في أيدي الرومان ، و قد حولوه .. مع الأسف .. إلى ( مزبلة ) .. ، فالمسجد الأقصى ليست له أية قداسة إلا عند المسلمين و اليهود ..
.. ، أما النصارى فلهم مقدسات أخرى في بيت المقدس .. في بيت لحم و ما حوله .. ، لذلك تعمد الرومان إهانة المسجد الأقصى الشريف نكاية في اليهود بعد أن أسقطوا دولتهم .. ، فحولوه إلى ( مقلب زبالة ) .. يلقون فيه القمامة ، و النفايات .. ، فوقتها لم تكن هناك أية أبنية ، أو مساجد مبنية على أرض المسجد الأقصى .. كان فقط عبارة عن أرض محاطة بسور له عدة بوابات .. ، أما أبنيته و مساجده القديمة فكانت قد تهدمت ..
.. ، و أول مسجد بني على أرض المسجد الأقصى بعد الفتح الإسلامي هو ذلك المسجد الذي أمر ببنائه أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب .. كما سنرى ..
و المسجد الأقصى ليس حرما كالحرمين الشريفين في مكة و المدينة ، فلا يحرم فيه التقاط اللقطة ،
و لا قتل الصيد ، و لا قطع الأشجار .. ، ولكنه المسجد الثالث في التشريف ، و التكريم بعد الحرمين الشريفين ، و هو المسجد الثالث الذي تشد إليه الرحال كما في الحديث .. ، و لذلك يسميه الكثير من المسلمين ( ثالث الحرمين )
ملحوظة : الحرم الإبراهيمي أيضا ليس حرما
أما عبارة (( أولى القبلتين )) : فالاصح أن تطلق على الكعبة المشرفة ، و ليس على المسجد الأقصى ، فالكعبة هي أول بيت وضع للناس بنص القرآن ، و هي قبلة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ...
.. في صحيح مسلم : عَنْ أبِي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه أنه قالَ: (( قُلتُ يا رَسولَ اللهِ، : أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ )).. ، قالَ: (( المَسْجِدُ الحَرَامُ )).. ، قُلتُ: (( ثُمَّ أيٌّ ؟ ))
.. ، قالَ : (( المَسْجِدُ الأقْصَى )).. ، قُلتُ: (( كَمْ بيْنَهُمَا ؟ ))
.. ، قالَ : (( أرْبَعُونَ سَنَة ً ، وأَيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهو مَسْجِدٌ ))
.. ، فالمسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض ، و عاش في أكنافه كثير من الأنبياء .. عاش فيه إبراهيم عليه السلام ، و إسحاق و يعقوب .. ، و زكريا و يحي .. ، و داود و سليمان .. ، و عيسى ابن مريم .. ، و أسري برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إليه ....!!!
.. ، و سمي بالأقصى : أي البعيد ، و ذلك لبعده عن المسجد الحرام ..
.. ، و كان رسول الله في الفترة المكية يتوجه في صلاته إلى الكعبة جاعلا المسجد الأقصى أمامه .. ، و عندما هاجر كانت قبلته الأولى في المدينة إلى المسجد الأقصى لمدة 17 شهرا حتى تم تحويل القبلة إلى الكعبة ..
.. ، و اختلف العلماء في أول من اختط حدود المسجد الأقصى .. ، و الراجح أنه أبونا آدم عليه السلام ، و ذلك بعد أن أرسى قواعد المسجد الحرام بأربعين سنة ..
.. ، ثم جدد سيدنا سليمان عليه السلام بناء المسجد الأقصى .. ، ثم هدمه بعد ذلك بختنصر أثناء عمليات القمع ،
، و الاضطهاد و التشريد التي مارسها ضد اليهود ... !!!
.. ، ثم أصبح المسجد الأقصى في عهد الاحتلال الروماني أرضا مهجورة يلقون فيها القمامة ... ، فلم يكن فيه ساعتها أية مصليات أو أبنية .. ، إنما كان مجرد أرضا واسعة ..
.. ، و أرض المسجد الأقصى تقع على هضبة عالية في وسط القدس تسمى (( هضبة موريا )) .. ، و في قلبه توجد
الصخرة المشرفة : التي يقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرج به من فوقها إلى سدرة المنتهى ..
.. ، و الصخرة المشرفة هي أعلى نقطة على هضبة موريا ..
.. ، و في العهد الأموي بنى الخليفة (( عبد الملك بن مروان )) فوقها تلك القبة الذهبية الجميلة التي نراها حتى الآن ..
، و التي نسميها (( قبة الصخرة )) ..
.. ، إذن فالمسجد الأقصى لم يكن مسقوفا وقت الفتح الإسلامي .. ، فأراد أمير المؤمنين / عمر بن الخطاب أن يبني مسجدا مسقوفا ليصلي فيه الناس .. ، واختار أن يكون هذا البناء .. جنوب الصخرة المشرفة .. في اتجاه الكعبة
.. ، و بالفعل تم بناء هذا المسجد من الخشب و كان يستوعب حوالي 1000 مصلي .. ، وسمي بالمسجد القبلي : بكسر القاف ، و تسكين الباء .. ، و ذلك لأنه يقع في الجنوب .. في اتجاه القبلة ..، و هذا المسجد تمت توسعته بعد ذلك في فترة خلافة الصحابي الجليل سيدنا / معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حيث أعاد بناءه بالحجارة .. بدلا من الخشب .. ، و أصبح يستوعب 3000 مصلي ..
.. ، ثم أعيد بناءه ، و توسعته من جديد في عهد الخليفة الأموي / عبد الملك بن مروان ، و ابنه (( الوليد )) ، حيث تم بناء ذلك المسجد الجامع الرئيسي ذي القبة الفضية اللون ، الذي يخطب فيه خطيب الجمعة .. ، والذي يظن معظم المسلمين خطأ أن هذا الجامع فقط هو المسجد الأقصى .. !!
، و الحقيقة .. أن رحاب المسجد الأقصى حاليا تستوعب ستة مساجد أخرى غير هذا (( المسجد القبلي )) ذي القبة الفضية .. ، فيوجد :
1 _ المصلى المرواني
2 _ مصلى الأقصى القديم
3 _ مسجد قبة الصخرة ( الذهبية )
4 _ مسجد البراق
5 _ مسجد المغاربة
6 _ جامع النساء ....
.. ، هذا بالإضافة إلى الساحات الواسعة الغير مسقوفة .. ، و الأشجار التي تقع داخل حدود المسجد الأقصى ..
.. ، فمن صلى تحت أية شجرة فيه .. ، أو تحت أية قبة ، أو سقف .. ، أو داخل أي مسجد من تلك المساجد فهو يصلي في المسجد الأقصى و ينال .. بإذن الله .. الأجر المضاعف على صلاته فيه ... !!!
.. ، و قد تعرضت مساجد ، و مباني المسجد الأقصى للزلازل مما أدى إلى تصدعها .. ، فتم ترميمها في عهد أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي .. !!!
.. ، و ظل المسجد الأقصى المبارك في أيدي المسلمين 400 عام منذ فتحه عمر بن الخطاب ، وحتى احتله الصليبيون
.. ، ثم كان التحرير الثاني للمسجد الأقصى على يد
البطل العظيم / صلاح الدين الأيوبي فوضع في المسجد القبلي منبرا ضخما كان قد أمر بصناعته نور الدين محمود خصيصا ليوضع في المسجد الأقصى بعد تحريره ..
.. ، إلى أن جاء الاحتلال الصهيوني اللقيط ليدنس الأرض المقدسة حينما دب الوهن في قلوب المسلمين .. !!!
.. ، و في عام 1969 أحرق اليهود .. أحرقهم الله .. المسجد القبلي ، و منبر صلاح الدين الأيوبي ..
.. ، ثم أعيد ترميمه بعد ذلك برعاية المملكة الأردنية
.. ، و في السنوات الأخيرة ....
يتعمد الصهاينة الملاعين القيام بأعمال حفر مستمرة تحت الجدار الجنوبي للمسجد القِبلي بحثا عن هيكل سليمان المزعوم .. ، و هذا بالطبع يهدد أساسات المسجد القبلي
، و ينذر بانهياره في أي وقت ... !!!
مسجد قبة الصخرة
هل تعلم أن تلك القبة الذهبية الزاهية التي تعد معلما مميزا للمسجد الأقصى لم يكن لها وجود قبل سنة 66 هجرية .. ، و أن بناءها له قصة عجيبة .. ؟!!!
.......... .......... ............ ........... .......
كان أمير المؤمنين / عبد الله بن الزبير هو الذي يحج بالناس في فترة خلافته ، وهو الذي يخطب فيهم في عرفات ، و في منى .. و كان خطيبا مفوها .. ، فكان ينال في خطبه من عبد الملك بن مروان ، و يذكر مساوئ بني أمية ..
.. ، و بطبيعة الحال هناك حجاج قادمون من بلاد الشام ، فكانوا يستمعون إلى خطب عبد الله بن الزبير فيتأثرون بها ، و يميلون إليه .. ، ثم يعودون إلى بلاد الشام فينقلون إلى أهلهم و عشيرتهم ما سمعوه منه في الحج ..
.. ، فلما بلغ عبد الملك ذلك غضب غضبا شديدا ، و قرر أن يمنع رحلات الحج من الشام حتى لا تحدث فتنة و ينقلب الناس عليه مع الوقت ..
.. ، ولكن أهل الشام ضجوا بسبب هذا القرار ..
.. ، و علت أصوات الشجب و الاعتراض في كل مكان .. !!
.. ، فأراد عبد الملك بن مروان أن يستعطف قلوب الناس ، و أن يشغلهم عن كثرة الكلام و الاعتراض .. ، فأمر بعمارة المسجد الأقصى ، و ببناء مسجد واسع على أرضه ..
.. ، كما أمر ببناء قبة عظيمة فوق الصخرة المشرفة التى تقول الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرج به من فوقها إلى سدرة المنتهى في رحلة الإسراء والمعراج .. !!
.. ، و استمرت عمارة المسجد الأقصى ، و بناء قبة الصخرة حوالي سبع سنوات كاملة .. ، حيث انتهت في سنة 73 هجرية .. !!
.. ، و كان عبد الملك بن مروان قد كلف وزيره
( رجاء بن حيوة ) وهو تابعي فقيه ، و عالم من أشهر علماء المسلمين ، و معه يزيد بن سلام .. وهو معماري خبير محترف من أهل القدس .. كلفهما بإدارة تنفيذ ذلك المشروع الضخم .. ، و وجه إليهما الأموال الضخمة ، و جمع لهما أعدادا كبيرة من العمال و الحرفيين المهرة من أطراف البلاد ... !!
... ، فشيدت قبة الصخرة بالرخام الملون ، و كان فيها من الفصوص و الجواهر و الأحجار الكريمة أنواع باهرة
، و جعلوا جدرانها من الفسيفساء .. ، كما جعلوا للقبة الكثير من القناديل المصنوعة من الذهب و الفضة ، و التي كانت تعلق بالسلاسل الذهبية و الفضية .. !!
.. ، كما قاموا بفرش المسجد بأنواع البسط الفاخرة الملونة ..
، و كانوا إذا أطلقوا البخور من المسك و العود و العنبر فإن الناس يشمون رائحته الزكية من أماكن بعيدة ، و إذا رجع الرجل من المسجد الأقصى إلى بلاده تبقى عليه رائحة المسك و البخور أياما ، فيعرف الناس أنه أقبل من بيت المقدس ، و أنه دخل قبة الصخرة ... !!!
.. ، و كان لقبة الصخرة عدد كبير من الخدم و السدنة لرعاية المسجد ، و لخدمة المصلين ... !!
............ ......... ............. .........
.. ، فلما أنتهى العمل ، و تم بناء الصخرة أرسل رجاء بن حيوة و يزيد بن سلام إلى عبد الملك يخبرانه بأن المال الذي أوقفه لعمارة المسجد الأقصى و بناء القبة قد فاض منه 600 ألف مثقالا ذهبيا .. !!
، فأراد عبد الملك أن يجعل هذا الذهب الفائض كله مكافأة لمديري المشروع رجاء بن حيوة و يزيد بن سلام .. ، فكتب إليهما قائلا : (( إني وهبته لكما ))
.. ، و لكنهما .. رحمة الله عليهما .. رفضا رفضا قاطعا أن يأخذا هذا الذهب .. ، و أرسلا إلى عبد الملك يعتذران إليه عن قبول تلك المكافأة الضخمة قائلين :
(( إنا لو استطعنا لزدنا في عمارة المسجد الأقصى من أموالنا ، و من حلي نسائنا ))
.. ، فكتب إليهما قائلا :
(( ... فإنكما إذ أبيتما أن تأخذا هذا المال فأفرغاه على
قبة الصخرة ، و على الأبواب .. ))
.. ، ففعلا ذلك .. ، حتى لم يكن أحد يستطيع أن يتأمل القبة مما عليها من الذهب .. !!
.. ، ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن و لا أبهى من قبة الصخرة .. ، فافتتن الناس بها افتتانا عظيما حتى ألهتهم عن الكعبة و عن الحج .. ، فكان الجهلة يطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة ، و ينحرون عندها في يوم النحر ، و يحلقون رؤوسهم .... !!!!
.. ، و طبعا ....
فتح عبد الملك بن مروان بذلك على نفسه أبواب الشجب و الاعتراض التي كان يجتهد أن يغلقها .. ، حيث أخذ أمير المؤمنين / عبد الله بن الزبير ينتقد إسرافه في تزيين المسجد بهذه الصورة الزائدة عن الحد .. ، فبطون الفقراء و المحتاجين و سد حاجتهم أولى من مثل هذا ...
.. ، فكان سيدنا / ابن الزبير يشنع عليه و يقول :
(( ضاهى بها ما كان يفعله أكاسرة الفرس في إيوان كسرى ))
.............. ............. ............ ............
.. ، و ظلت قبة الصخرة هكذا .. بتلك الصورة الباهرة .. إلى أن قامت الدولة العباسية .. ، فلما تولى أبو جعفر المنصور الخلافة سنة 140 هجرية ، وجد خرابا و تصدعات في المسجد الأقصى .. ، فأمر أن يقلع ذلك الذهب الكثيف الذي كان على قبة الصخرة و على الأبواب ليتم الإنفاق منه علي ترميم المسجد
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليق اذا كان لديك اي افكار تتمني أن تجدها في موقعنا